تبدو دموع الانسان, رذاذا من مطر, تكثف في سحابات الحزن ومواجع الحياه. وربما تعبر الدموع المتساقطه من العيون عن حاله غليان داخلي يتكثف فيها بخار الغضب والالم. الا ان الدموع هنا بكل احوالها مرئيه ومحسوسه وملموسه, تعبر عن الحزن. والحزن حاله انكسار نفس, تحدث نتيجه لسقوط الحلم او الامل, كما تنتج عن الاحساس بالالم والانسحاق تحت وطاه العذاب الجسدي للانسان او غيره من الاخرين. وقد تكون الدموع في الماقي مثل قطرات الندي علي عيون الاوراق والزهور في الشجر, عند السحر. وقد تكون هديرا صاخبا مثل شلال صارخ بالالم والعذاب. وبين هنهنات الانفاس وشهقات الروح تتدفق الدموع نهرا للاحزان وعزفا لاوجاع الانسان. ولاننا هنا في مجال الحديث عن اسرار الحب, فان ما يعنينا هو دموع الحب... وهي دموع ذات شكلين, هما دموع العين, ودموع القلب!! ان دموع العين تتفجر مثل لالئ الحزن, مولوله علي حبيب هجر.. او علي حبيب غدر. والدموع تكاد تتكلم.. لانها تتالم!! وربما تتساءل الدموع في رحلتها من ينابيع العين الدامعه الي الوجنات المتشحه بسكون الحزن, عن سبب الهجر.. او سبب الغدر.. وحين لا تجد سببا ظاهرا اومقنعا, تنتحر الدموع علي الخدود, وتبكي هذا الصدود, وتشيع الامل الموعود الي مثواه المرصود!! والقلب ينتفض رافضا عذاب البعاد.. يهتف من اعماقه بفتون وجنون, الهي ما اجمله!! ولقد ضل الامل الطريق, فاشتعل الحريق يمتطي الانسان المكلوم صهوه الزمان مرتدا الي الماضي!! وصوب اطياف الزمان الغابر يهتف في جوف الحزن بصوت بلله الحزن بذوب العذاب! اين كنا.. وكيف اصبحنا!؟ كنا ربيعا تفتحت فيه الزهور وانبثقت فيه اوراق الشجر!! وتدفقت في اجسادنا وارواحنا دفقات من سحر الخلق في الربيع... فلماذا انزلقنا علي جسر الزمان الي خريف تساقط فيه كل شيء... والي شتاء وارانا تراب الموت!! اه من هذا الذي مضي وذلك الذي حضر!! اه من زمان يذبحنا علي امر قد قدر... اه من لواعج في القلب تنذر بشر مستطر!! رحماك ربي.. سكنت الروح في صدري مثل عصفور بلله مطر عاصف ورعد قاصف!! يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا!! يا ليتني لم اولد او اكن حيا!! رحماك ربي..!! ليس في مقدوري ان ازيح العذاب عني!! ليس في استطاعتي ان افر من احزان تطاردني كقطعان من ذئاب شرهه!! ويلي من عذاب الهجر والفراق!! لقد ارتعدت فرائضي والتفت الساق بالساق...!!
وياتي علي الانسان حين من الدهر, تجف فيه الدموع.. وتكف العين عن ذرف الندي الحزين من صفحه البصر. عندئذ يبدا الانسان في البعاد!! بكي زمنا طويلا تحت سياط البعاد للحبيب.. حتي اذا جف من عينه الدمع, لاذ هو بالبعاد ايضا!! انه يبتعد بروحه وبقلبه عن الناس!! يجالسهم بكينونته الماديه.. لكنه بعيد عنهم بروحه في مثواها!! انه يهدهد الروح وهي تهدهده!! كلاهما في عيون الاخر جريح يئن من العذاب.. لكن لا مهرب ولا فرار!! هناك اغتراب للنفس عما حولها.. فلا المحزون دار بما حول ولا هو عارف بمن حوله!! يستصرخ دموع العين, ان تنسال علي الخد فلا مجيب.. يعتريه صمت التيه في بيداء الحياه!! جفونه لا ترتفع ولا تنسدل.. وصوته همس في سمع الزمان... يا زمان الحب عذبتني.. واضنيتني!! ومثل الطائر كسير الجناح يهجع الي عش الوحده والتوحد.
{ ثم يبدا مرحله الانتقال من الحزن علي ما جري, الي الشجن!! واما الشجن فهو حزن القلب!! فيه دموع لا يراها احد!! انها دموع لا يعلمها الا الله الواحد الفرد الصمد... تشي بها احيانا قسمات وجه تائهه.. ونظرات عين شارده.. واطراف اصابع بارده!! والقلب اذا بكي يرتعد الجسد.. ويرتعش البدن..!! ومع الناس يعيش الانسان ويتكلم.. لكنه يلوذ بالصمت احيانا او كثيرا!! هو هارب من نفسه المعذبه, عندما تلاحقه.. لكنه يجد نفسه محمولا علي كفوف الاطياف من حوله.. تمتد لتذهب به بعيدا الي مرتع الذكريات ومرائي الحب الذي انكسر!! الي هنا ينفصل الانسان عما وعمن حوله.. ويبدو امام الصحاب عينا شارده, وشفاها صامته!! انه يشاهد وحده من فوق اطلال الحب, ذكريات تتقاطر وتتقافز مثل عصافير الجنه... والاشجان تاخذه كل ماخذ!! والذين حوله يتخيلون انه ساكن صامت. لكن سكون الجسد وصمته شيء يختلف عن حركه القلب ونجوي الروح!! هو يصغي الي بكاء القلب.. وتغتسل الروح بدموع القلب الطاهره... ولا احد ممن حوله يري شيئا..!! لكن عيون الجسد تطفر احيانا بدموع هاربه من عمق القلب.. فيلحظ الصحاب ان صاحبهم قد بللت الدموع جفونه دون ان يحدث شيء امامهم يثيرها!! هم لا يدركون ان القلب عندئذ يبكي!! وهم لا يعرفون ان الروح وقتئذ تحكي.. وهم لا يفهمون ان الدموع في العين انئذ, تطل علي دنيا البشر بحزن في العين, وشجن في القلب!!ان بكاء القلب مرحله من عذاب الانطواء الي جدار الايام الماضيه.. والذين يلوذون بالصمت بعد ان هدهم عذاب الهجر يقفزون هربا من الناس الي عمق النفس!! هنالك الماوي والمثوي والملاذ!! هناك يتكور الانسان علي نفسه ويصبح مثل شرنقه ملفوفه بخيوط العذاب, تضم روحا كالفراش المسجون في بيت الاحزان...
ولان دموع القلب قمه في التطهر, فهي اغتسال ملائكي, يتم في مواكب متواليه لزفاف الروح!! ان وداع الحب الغارب, جناز يتم داخل الكيان الانساني وسط نشيد الوداع. والانسان يشعر احيانا بالانتشاء الروحي.. واحيانا يصغي الي بكاء القلب, واحيانا تتفجرعيونه بدمع حزين.. وفي الوقت الذي يتذوق فيه الانسان عذاب البعاد, في الهجر او الفراق.. يكون المفارق او الهاجر, بعيدا عن الاحساس بما يجري!! لقد تبلدت احاسيسه ومشاعره, وسكتت عن ادراك الاثر الصاعق للفراق!! والرجل( مهاجر) هاجر دائما.. والمراه تقف وحدها في عرض الطريق بعد ان تخلي عنها الرجل!! ان الرجل يهجر.. حاملا ادوات الصيد, متجها الي صيد اخر!! والنساء ضحايا الصيد جاثمات علي جانبي الطريق.. ولا اتعاظ ولا احتراز ممن بعدهن من ضحايا المستقبل!! كلهن الا قليلات.. مقبلات الي المذابح.. لا يدركن نهايه الرحله عندما تتخضب العيون بدموع تجري مثل دم يتفجر من الشرايين!! قدر مرسوم ومصير مرصود...!! لا بنت تتعظ.. ولا امراه تتعلم!! مثل فراشات المصابيح.. تكتوي بنيرانها لكن تدور حولها.. وتدور تدور.. الي ان تسقط بالحريق هشيما تذروه الرياح, بعد ان يصبح الحبيب مثل سراب مندثر, وتصبح الامال مثل نخيل منقعر!!
واذا كان العذاب يترجم دموعا في العيون, فانه حزن!! واذا كان العذاب يترجم دموعا في القلب, فانه شجن!! وبين الحزن والشجن, علاقه ارتباط مثل ارتباط الجسد بالروح.. وحين يتحول الحزن الي شجن!! فهو دمع صامت.. وصمت صاخط.. وتجوال للانسان في تجاويف الروح!! انه يبحث عن حبيب تاه.. ولا يدرك انه لاه!! والمراه هي الاكثر حزنا... والرجل هو الاكثر شجنا!! والدموع توصف بانها امراه.. والشجن يوصف بانه رجل!! وعيون المراه متدفقه بالدموع.. لكن عيون الرجل عن الدموع ابيه مستعصيه..!! لذلك تتساقط داخل القلب والروح لواذا بمكان امن لا يراها فيه احد!! ان الدموع في العين او في القلب اغتسال وتطهر!! والذين تغرقهم الدموع وتجرفهم امواجها, يداخلهم الارتياح ويزايلهم النواح!! ان الدموع نعمه الهيه وليست نقمه... لكن دموع الفراق لا تصبح بديلا لعطر الحب وقطراته!!
نقطه عطر ..انت لا تفصحين عن مكنون قلبك!! لكني اشعر انه يمشي علي اطراف اصابعه نحوي..!! عيونك تكشف عن ابتسامات سكري بنشوه اللقاء..!! لكنك وان كنت لا تفصحين... فاني اشعر بوقع خطوات القلب!! ان عبير الحب يسبق الحب مثل دقات المسرح ايذانا برفع الستار... وهطول العطر..!!
وياتي علي الانسان حين من الدهر, تجف فيه الدموع.. وتكف العين عن ذرف الندي الحزين من صفحه البصر. عندئذ يبدا الانسان في البعاد!! بكي زمنا طويلا تحت سياط البعاد للحبيب.. حتي اذا جف من عينه الدمع, لاذ هو بالبعاد ايضا!! انه يبتعد بروحه وبقلبه عن الناس!! يجالسهم بكينونته الماديه.. لكنه بعيد عنهم بروحه في مثواها!! انه يهدهد الروح وهي تهدهده!! كلاهما في عيون الاخر جريح يئن من العذاب.. لكن لا مهرب ولا فرار!! هناك اغتراب للنفس عما حولها.. فلا المحزون دار بما حول ولا هو عارف بمن حوله!! يستصرخ دموع العين, ان تنسال علي الخد فلا مجيب.. يعتريه صمت التيه في بيداء الحياه!! جفونه لا ترتفع ولا تنسدل.. وصوته همس في سمع الزمان... يا زمان الحب عذبتني.. واضنيتني!! ومثل الطائر كسير الجناح يهجع الي عش الوحده والتوحد.
{ ثم يبدا مرحله الانتقال من الحزن علي ما جري, الي الشجن!! واما الشجن فهو حزن القلب!! فيه دموع لا يراها احد!! انها دموع لا يعلمها الا الله الواحد الفرد الصمد... تشي بها احيانا قسمات وجه تائهه.. ونظرات عين شارده.. واطراف اصابع بارده!! والقلب اذا بكي يرتعد الجسد.. ويرتعش البدن..!! ومع الناس يعيش الانسان ويتكلم.. لكنه يلوذ بالصمت احيانا او كثيرا!! هو هارب من نفسه المعذبه, عندما تلاحقه.. لكنه يجد نفسه محمولا علي كفوف الاطياف من حوله.. تمتد لتذهب به بعيدا الي مرتع الذكريات ومرائي الحب الذي انكسر!! الي هنا ينفصل الانسان عما وعمن حوله.. ويبدو امام الصحاب عينا شارده, وشفاها صامته!! انه يشاهد وحده من فوق اطلال الحب, ذكريات تتقاطر وتتقافز مثل عصافير الجنه... والاشجان تاخذه كل ماخذ!! والذين حوله يتخيلون انه ساكن صامت. لكن سكون الجسد وصمته شيء يختلف عن حركه القلب ونجوي الروح!! هو يصغي الي بكاء القلب.. وتغتسل الروح بدموع القلب الطاهره... ولا احد ممن حوله يري شيئا..!! لكن عيون الجسد تطفر احيانا بدموع هاربه من عمق القلب.. فيلحظ الصحاب ان صاحبهم قد بللت الدموع جفونه دون ان يحدث شيء امامهم يثيرها!! هم لا يدركون ان القلب عندئذ يبكي!! وهم لا يعرفون ان الروح وقتئذ تحكي.. وهم لا يفهمون ان الدموع في العين انئذ, تطل علي دنيا البشر بحزن في العين, وشجن في القلب!!ان بكاء القلب مرحله من عذاب الانطواء الي جدار الايام الماضيه.. والذين يلوذون بالصمت بعد ان هدهم عذاب الهجر يقفزون هربا من الناس الي عمق النفس!! هنالك الماوي والمثوي والملاذ!! هناك يتكور الانسان علي نفسه ويصبح مثل شرنقه ملفوفه بخيوط العذاب, تضم روحا كالفراش المسجون في بيت الاحزان...
ولان دموع القلب قمه في التطهر, فهي اغتسال ملائكي, يتم في مواكب متواليه لزفاف الروح!! ان وداع الحب الغارب, جناز يتم داخل الكيان الانساني وسط نشيد الوداع. والانسان يشعر احيانا بالانتشاء الروحي.. واحيانا يصغي الي بكاء القلب, واحيانا تتفجرعيونه بدمع حزين.. وفي الوقت الذي يتذوق فيه الانسان عذاب البعاد, في الهجر او الفراق.. يكون المفارق او الهاجر, بعيدا عن الاحساس بما يجري!! لقد تبلدت احاسيسه ومشاعره, وسكتت عن ادراك الاثر الصاعق للفراق!! والرجل( مهاجر) هاجر دائما.. والمراه تقف وحدها في عرض الطريق بعد ان تخلي عنها الرجل!! ان الرجل يهجر.. حاملا ادوات الصيد, متجها الي صيد اخر!! والنساء ضحايا الصيد جاثمات علي جانبي الطريق.. ولا اتعاظ ولا احتراز ممن بعدهن من ضحايا المستقبل!! كلهن الا قليلات.. مقبلات الي المذابح.. لا يدركن نهايه الرحله عندما تتخضب العيون بدموع تجري مثل دم يتفجر من الشرايين!! قدر مرسوم ومصير مرصود...!! لا بنت تتعظ.. ولا امراه تتعلم!! مثل فراشات المصابيح.. تكتوي بنيرانها لكن تدور حولها.. وتدور تدور.. الي ان تسقط بالحريق هشيما تذروه الرياح, بعد ان يصبح الحبيب مثل سراب مندثر, وتصبح الامال مثل نخيل منقعر!!
واذا كان العذاب يترجم دموعا في العيون, فانه حزن!! واذا كان العذاب يترجم دموعا في القلب, فانه شجن!! وبين الحزن والشجن, علاقه ارتباط مثل ارتباط الجسد بالروح.. وحين يتحول الحزن الي شجن!! فهو دمع صامت.. وصمت صاخط.. وتجوال للانسان في تجاويف الروح!! انه يبحث عن حبيب تاه.. ولا يدرك انه لاه!! والمراه هي الاكثر حزنا... والرجل هو الاكثر شجنا!! والدموع توصف بانها امراه.. والشجن يوصف بانه رجل!! وعيون المراه متدفقه بالدموع.. لكن عيون الرجل عن الدموع ابيه مستعصيه..!! لذلك تتساقط داخل القلب والروح لواذا بمكان امن لا يراها فيه احد!! ان الدموع في العين او في القلب اغتسال وتطهر!! والذين تغرقهم الدموع وتجرفهم امواجها, يداخلهم الارتياح ويزايلهم النواح!! ان الدموع نعمه الهيه وليست نقمه... لكن دموع الفراق لا تصبح بديلا لعطر الحب وقطراته!!
نقطه عطر ..انت لا تفصحين عن مكنون قلبك!! لكني اشعر انه يمشي علي اطراف اصابعه نحوي..!! عيونك تكشف عن ابتسامات سكري بنشوه اللقاء..!! لكنك وان كنت لا تفصحين... فاني اشعر بوقع خطوات القلب!! ان عبير الحب يسبق الحب مثل دقات المسرح ايذانا برفع الستار... وهطول العطر..!!
لـ : د.محمد إسماعيل علي