وبعثت تعتب يا أبي..! |
وغضبت مني بعدما |
تاهت خطاي.. عن الحسين |
أنا يا أبي في الدرب مصلوب اليدين |
وزوابع الأيام تحملني و لا أدري.. لأين |
والناس تعبر فوق أشلائي |
ودمعي.. بين.. بين |
وبعثت تعتب يا أبي |
لم لا تجئ لكي ترى |
كيف الضمير يموت في قلب الرجل؟ |
كيف الأمان يضيع أو يفنى الأمل؟ |
لم لا تجئ لكي ترى |
أن الطريق يضيق حزنا بالبشر؟ |
أن الظلام اليوم يغتال القمر؟ |
أن الربيع يجئ.. من غير الزهر؟ |
لم لا تجئ لكي ترى.. |
الأرض تأكل زرعها؟ |
و الأم تقتل طفلها؟ |
أترى تصدق يا أبي |
أن السماء الآن.. تذبح بدرها؟! |
و الأرض يا أبتاه تأكل.. نفسها.. |
* * * |
وغضبت يا أبتاه مني بعدما |
تاهت خطاي عن الحسين.. |
أتراه عاش زماننا |
أتراه ذاق.. كؤوسنا؟ |
هل كان في أيامه دجل.. و إذلال.. وقهر؟ |
هل كان في أيامه دنس يضيق.. بكل طهر؟ |
فبيتنا صارت مقابر للبشر |
في كل مقبرة إله |
يعطي.. و يمنع ما يشاء |
ما أكثر العباد.. في زمن الشقاء |
أبتاه لا تعتب علي.. |
يوما ستلقاني أصلي في الحسين |
سترى دموع الحزن تحملها بقايا.. مقلتين.. |
فأنا أحن إلى الحسين.. |
ويشدني قلبي إليه فلا أرى.. قدمي تسير |
القلب يا أبتاه أصبح كالضرير |
أنا حائر في الدرب.. لا أدري المصير!! |
* * * |
أنا في المدينة يا أبي مثل السحاب.. |
يوما تداعبني الحياة بسحرها.. |
يوما.. يمزقني العذاب |
ورأيت أحلام السنين كأنها |
وهم جحود.. أو سراب |
وعرفت أن العمر حلم زائف |
فغدا يصير.. إلى التراب |
زمن حزين يا أبي زمن الذئاب |
* * * |
أبتاه لا تغضب إذا |
ما قلت شيئا.. من عتاب |
أبتاه قد علمتني حب التراب |
كيف الحياة أعيشها رغم الصعاب |
كيف الشباب يشدني نحو السحاب |
حاسبت نفسي عمرها |
حتى يئست من الحساب |
وضميري المسكين مات من العذاب |
أبتاه.. |
ما زال في قلبي عتاب |
لم لم تعلمني الحياة مع الذئاب؟!! لـ فاروق جويدة |